السبت، ١٢ سبتمبر ٢٠٠٩

قانون انتخابات يجمعنا و لا يفرقنا

الأقتراحات حول تعديل قانون الانتخاب يذكرني بمسرحية بجماليون لتوفيق الحكيم. ينحت بجماليون جالاتيا، تمثال إمرأة جميلة، و يطلب من الإله أبولو ان يبعث بها الحياة. و لكن جالاتيا تقع بحب نرسيس و تهرب معه. فيندم بجماليون و يحطم التمثال. و يبدأ بنحت تمثال اخر. أقاموا الدنيا و أقعدوها، نبيها خمس. و الان نبيها واحدة. و بعد ذلك نبيها ماذا؟!
إما أنا فلست بحاجة الى جلاتيا. و كل ما اريده هو قانون انتخابي يحقق التالي:
يقلل من اثر القبلية في العمل السياسي.
يقلل من اثر الطائفية في العمل السياسي.
يلقي مسؤولية اكثر على الناخب في اختيار ممثله.
قانون يجمعنا لا يفرقنا.
لذلك اقترح ان تكون هناك خمسين دائرة انتخابية. و يزيد عددها اذا زاد عدد النواب في مجلس الامة. توزيع المناطق لا يكون مبنيا على الطائفية او القبلية او حضر او بدو. التوزيع يكون مبنيا على تقسيم ديموغرافي. ممكن ان نشرح الكويت الى مناطق بادئين من قصر السيف. حيث تكون هذه المناطق متساوية بالاصوات. و كل عشر سنين يعاد النظر بهذا التقسيم.
كل منطقة ينجح منها نائب واحد. و الناجح هو من يحصل على اكثر من خمسين بالمائة من الاصوات. و في حال عدم حصول احد المرشحين على هذه النسبة تعاد الانتخابات بعد اسبوع. و من يحصل على اعلى نسبة من الاصوات في الانتخابات الثانية يكون قد نجح لعضوية مجلس الامة.
و لأبين وجهة نظري سأذكر مثالين. المثال الاول يتعلق بالنائب الدكتور فيصل مسلم و الثاني يتعلق بالدكتورة معصومة مبارك.
نجح الدكتور فيصل المسلم بالانتخابات قبل الاخيرة بمنطقتنا الانتخابية نجاحا باهرا. حصل على المرتبة الاولى. ولكن عندما ننظر الى نسبة الاصوات التي حصل عليها نجدها حول الثلاثين بالمائة. يعني الدكتور فيصل نجح بأصوات العتبان و جماعة خيطان و بعض من التيار السياسي الاسلامي. و حصل على نذر قليل من باقي المناطق مثل السرة و الجابرية. مثل هذا القانون قسمنا الى مناطق و قبائل و طوائف. فمثلا النائب الدكتور فيصل لا نراه بالجابرية.
و نجحت الدكتورة معصومة المبارك نجاحا باهرا في الانتخابات الاخيرة. نجاح دحض جميع الطروحات التي كانت تتنبأ بسقوطها. الجميع صوت لها من سنة و شيعة و قبائل في منطقتها الانتخابية. و السبب بسيط. الدكتورة معصومة كانت دائما تركز بأنها مرشحة الجميع. حتى انها في يوم الانتخابات توشحت بالعلم الكويتي. و جاء في المؤخرة من يعتمد على الطائفية و القبلية.
نجحت الدكتورة معصومة لأنها ذكية. إستشعرت بأن الناخبين يريدون من يجمعنا و لا يفرقنا. و تبنت هذا الطرح بقوة و إلتزام. ولكن لماذا نترك الامور للفرص و الحظ. لنقنن عملية الانتخاب بحيث لا يفوز نائبا معتمدا على قبيلته او مذهبه فقط.
في التنظيم الذي ذكرته لن يفوز احد معتمدا على اصوات قبيلته او مذهبه. بل لن يفوز الا القليل في الانتخابات الاولى. و بعد ذلك سيضطر كل منهم العمل على الحصول على اصوات المجاميع الاخرى. سيضطر النائب الدكتور فيصل ان يأتي الى الجابرية ليتفاهم معهم. سيحاول جاهدا ان يفهم وجهة الليبراليين في منطقة العديلية. و سيضطر الناخبين التعامل معه لأن فرص نجاحه قوية. و اذا لم تعجبهم طروحاته سيحاولون الاتفاق على الذي فرص نجاحه قوية.
و قبل ان انهي مقالتي اود ان احذر من تعديل على قانون الانتخابات يتبناه بعض النواب الحاليين. يأتي للذاكرة النائب احمد السعدون و النائب سعدون حماد. هذا التعديل يطالب ان تكون الكويت منطقة انتخابية واحدة. الدولة الوحيدة التي بها هذا النظام هي اسرائيل. و مفكري اسرائيل مثل برنارد لويس ينتقدون هذا النظام. متهمينه بتكريس التجمعات الصغيرة و عدم تبيين وجهة نظر الناخبين بشكل جيد. و أول من سيتضرر من هذا القانون هما النائبان اللذان ذكرتهما. فنجاحهما لم يعتمد على قبيلة او مذهب معين. و لهما اقول احذروا نرسيس!