الأحد، ٢٠ ديسمبر ٢٠٠٩

أمور خطيرة و نواب أغرار و دستور مهترئ

في الاسبوع الماضي أثار بعض النواب الأغرار أمور خطيرة. هل رئيس الوزراء راشي؟ هل وزير الداخلية مضلل؟ تم نقاش هذه الامور الخطيرة من خلال دستور مهترئ. نال الوزير و رئيسه ثقة مجلس الامة في النهاية. ولكننا لم نصل الى يقين ان كانت الادعاءات صحيحة ام ملفقة.
انتبه النائب الدكتور فيصل مسلم العتيبي الى ان إثارة ملف المخالفات الادارية بمكتب سمو رئيس الوزراء تنجح في المنطقة الانتخابية الثالثة.  فالنائب السابق احمد المليفي فاز بالإنتخابات من خلال برنامج انتخابي واعدا الناخبين بأنه سيفضح هذه المخالفات اذا نجح، فأنجحوه. و عندما قال بأنه قد إكتفى بتقرير اداري و لم يفضح احد، اسقطوه بالانتخابات اللاحقة.
انتبه النائب الدكتور فيصل للقيمة السياسية لهذه المخالفات و اخذ يدندن عليها. و حتى لا يقال بأنه احمد المليفي رقم اثنان اخذ يتحدث عن شيكات من سمو رئيس الوزراء لبعض النواب. و هنا دافعت بعض الصحف عن سمو الرئيس. و الجدير بالذكر ان النواب يخافون من الصحافيين لأنهم اسلط منهم لسانا. و اخذ فيصل مسلم يصرخ و يستنجد من هجمة الاعلام الذي مرة يسمية اصفر و مرة الفاسد. حاول ان يهديء الامور ولكن يبدو انها فلتت من يده. فاضطر ان يقدم الاستجواب الى سمو الرئيس.
و هنا انكشف النائب الدكتور فيصل المسلم انه غرير بالسياسة. فحليفه النائب الدكتور وليد الطبطبائي الذي استلم شيكا هو"الشريف ابن الشرفاء" و النواب السابقين الذين يشتبه بأنهم قد استلموا، لم يصفهم بالشرفاء. و زاد الطين بله عندما اخذ النائب الدكتور فيصل يركز على المخالفات و يعطيها وقت اكثر من شبهة الرشوة. فالمخالفات المالية تحكمها امور إدارية معقدة. مخالفات قد لا تتصل بسمو الرئيس. ولكن شبهة الرشوة كبيرة. و كان على النائب الدكتور فيصل ان يركز عليها و ألا يضيع الوقت بالأمور الجانبية.
طبعا الجميع يعرف نتيجة الاستجواب و التصويت على طرح عدم التعاون. و اخذ النائب فيصل مرة يهدد و مرة يستنجد، مدعيا بانه قد هدد. نحن نعرف رواية الراعي و الذئب. سمو الرئيس قد فاز بثقة المجلس ولكن لم يحصل على حكم قضائيا نافيا لشبهة الرشوة.
الاستجواب الثاني جاء من نائب غرير. فلقد كان النائب مسلم البراك يتوعد وزير الداخلية باستجواب من ايام حملته الانتخابية. و بالفعل قدم استجواب لوزير الداخلية. و افشل أبناء الكويت البررة هذا الاستجواب لأنه بالأساس استجواب قبلي. فليس من المقبول ان يستجوب نواب القبائل التي خالفت القانون الوزير المختص بتطبيق القانون. فقبول هذا المبدأ سيقودنا الى قانون الغاب.
ولكن اثناء الاستجواب الاول قال وزير الداخلية بانه قد حول موضوع اللوحات الاعلانية الى النيابة العامة. و لم يقل بان النيابة العامة قد ردت عليه قبل الاستجواب بان إحالته لا ترقى لاتهام. و بعدما جاء التوضيح من وزير العدل بان رد النيابة كان قبل الاستجواب، اخذت شبهة التضليل على مجلس الامة تحوم حول وزير الداخلية. إستغل النائب مسلم البراك هذه الشبهة و قدم استجوابه الاخير. و اثناء الاستجواب شطح و نطح و تطرق لامور شخصية. و لم يتحدث بشكل موضوعي عن ما اذا كان هناك تضليل. الهرج و المرج ادى الى عدم طرح الثقة بوزير الداخلية. ولكن أيضا لم نحصل على حكما قضائيا ينفي شبهة التضليل.
كان بودي ان ارى نظاما دستوريا يزيل الشبهات كليةً عن المستجوب و لكن المشكلة تكمن بدستورنا. و بمادة الاستجواب بشكل خاص. استوردنا الدستور من بلجيكا. طور البلجيكيون دستورهم و لم نطور دستورنا. طوروا مادة الاستجواب بحيث قسمت الى شقين. القانوني يذهب الى المحكمة الدستورية. و ان بتت بصحته يستقيل الوزير، و تبدأ محاكمته. اما الشق السياسي فيوجه الى الحكومة مجتمعة، و ليس كل وزير على حدة. فلا تطرح الثقة بالوزير انما عدم التعاون مع الحكومة.
عدم التطوير يؤدي الى الاهتراء. و جماعتنا منقسمين ما بين الجبناء فكريا و خائفين من اي تعديل على الدستور، و من يريدها كما هي، مستفيدا من الوضع الحالي.