في شهر ديسمبر من العام الماضي جائني ايميل من صديقي العزيز الدكتور يحيى عبدالرحمن يخبرني بأنه قد كتب كتابا باللغة الانجليزية اسمه The Art of Islamic Banking and Finanace و ان هذا الكتاب يباع على موقع امازون. و بالرغم من ان هذا الكتاب اغلى بكثير من الكتب المماثلة له إلا انني اشتريته إكراما لصديق عزيز. و عندما بدأت بقرائته فوجئت بالفكر الشجاع الواضح الكريم. فلقد فتح لنا الدكتور يحيى دواخل بنكه الاسلامي الكائن في امريكا. فقررت ان اكتب عنه عدة مقالات. ولكن قبل ان اكتب عن فكره قررت ان اكتب عن يحيى عبدالرحمن نفسه. حتى يعرف القراء نوعية شخصية يحيى. رجل صادق متمسك بهويته الاسلامية.
اتصل بي في مطلع الثمانينات الاخ عبدالله بشارة، ممثلنا في الامم المتحدة، مبينا لي بأن شركة اتلانتيك ريتشفيلد (احد كبرى شركات النفط الامريكية) تريد عقد نفط من الكويت. وقد جائنا الاخ يحيى مع شخص امريكي نسيت اسمه ممثلان لهذه الشركة. و تعجبت عندما قبلا بالسعر العالي الذي عرضه عليهم الاخ عبدالله الرومي. و عندما فقد النفط بريقه جاء الاخ يحيى طالبا عدم تجديد العقد. فقلت له لماذا قبلتم بالسعر العالي؟ فرد علي بان كان لديه عروض من دول اخرى ارخص مما عرضنا عليهم ولكنها كانت تتضمن رشوة لمسؤولين. و انه يعارض الرشوة تماما، حتى لو كلفه الامر خسارة.
و اثناء الاحتلال البغيض جاء الدكتور يحيى الى مكاتبنا في لندن. و كان يبكي حزنا على ما حدث للكويت. و عندما سئلته عن موقف الاخوان المسلمين في مصر المؤيد للنذل صدام، قال بأنهم على خطأ. و في فسحة الغداء رأيته يذهب مع الزملاء علي عبد العزيز و بكر عثمان. فسئلت رئيسهم الاخ عبدالهادي العواد عن سر العلاقة. فقال بأنهم يتبادلون الاراء حول التمويل الاسلامي.
و في التسعينات كنت ابحث في موضوع الزكاة. فأقترح الاخ هاني عبدالعزيز حسين ان اتصل بالدكتور يحيى استشف رأيه. و اتصلت به. و اذ به متبحر بتطبيقات الزكاة. و مرة اخرى سئلت الاخ هاني عن شركات الاستثمار في امريكا. فأقترح ان اتصل بيحيى مرة ثانية. و اذ به مستشارا لشركة سميث اند بارني، من اكبر شركات الاستثمار في امريكا.
و هنا بدأت استفسر عنه اكثر. و اذ به مؤسس لإتحاد المسلمين في شمال ولاية تكساس. و كان خطيبا يأم المسلمين و مأذونا شرعيا في منطقته. و هذا يأتي بي الى روايتان.
الأولى كانت عندما كتب قران فتاة مسلمة مع رجل مسلم. و بعد عقد القران هرب الزوج من زوجته و لم يدفع لها النفقة. و ادعى بأن هذا الزواج غير قانوني و غير ملزم. و هذا ما ذهبت به محكمة الاحوال الشخصية هناك. فقرر الدكتور يحيى ان لا يعقد قران الا بعد ان يوثق في السجلات الدنيوية التابعة للولاية. و اتبع اسلوبه المجتمع الاسلامي في امريكا.
الحادثة الثانية كانت بعد ان انهى خطبته جاءه شخص يعرف نفسه بالشيخ صالح كامل من السعودية طالبا بعض من وقته. يحيى لم يكن يعرف من هو الشيخ صالح كامل، ولكنه كريم بوقته. فقابله. و تم الحديث عن التمويل الاسلامي. و شجعه الشيخ صالح بهذا المنحى. مقابلة تركت معزة كبيرة للشيخ صالح كامل بقلب الدكتور يحيى. حيث رأيته يكيل المدح لهذا الشخص. و يصفه بأحد الشخصيات الريادية في تطبيق و تطوير التمويل الاسلامي.
و بعد هجوم القاعدة على نيويورك اتصلت بالدكتور يحيى لأرى رأيه. فبين بأنه يشجب هذا العمل جملة و تفصيلا. و يدعو الاخوات المسلمات الى لبس الحجاب بالاماكن العامة. رافعين علم الاسلام شاجبين العنف متمسكين بحقوقهم المدنية التي منحها الدستور الامريكي.
قد يقول بعض القراء بأنني قد اطلت بتعريف يحيى عبدالرحمن. لهؤلاء اعتذر. فالسبب هو تأكيد قدرات الدكتور يحيى إسلاميا و علميا و أخلاقيا. فالدكتور يحيى بكتابه يحلل الفائدة التي تطلبها البنوك المركزية، يأتي بنظام شبه جديد لتقييم الجدوى الاقتصادية، بل يحاول ان يلغى العملات العالمية كما نراها حاليا، و يطرح نظام بنكي رحوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق